من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
شرح سنن الترمذي
58712 مشاهدة print word pdf
line-top
باب ما جاء فيمن يجيء إلى الوليمة من غير دعوة

باب ما جاء فيمن يجيء إلى الوليمة من غير دعوة.
حدثنا حماد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود قال: جاء رجل يقال له أبو شعيب إلى غلام له لحام، فقال اصنع لي طعاما يكفي خمسة فإني رأيت في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجوع. قال: فصنع طعاما ثم أرسل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعاه وجلساءه الذين كانوا معه، فلما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- اتبعهم رجل لم يكن معهم حين دعوا، فلما انتهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الباب قال لصاحب المنزل: إنه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعوتنا فإن أذنت له دخل قال: لقد أذنا له فليدخل . قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. قال: وفي الباب عن ابن عمر .


المدعو: هو الذي تتوجه إليه الدعوة، أو يرسل إليه مندوبا ليدعوه للحضور للطعام ونحوه. هذا هو الذي يعين ويخصص. في هذه القصة أن هذا الصحابي لما رأى الجوع في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر غلامه بأن يصنع طعاما يكفي خمسة، ثم أرسل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وجلساءه، ولما ساروا تبعه رجل ليس منهم، فاستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاحب المنزل هل يأذن لهذا الذي لم يدع أو لا يأذن له؟ فإن لم يأذن له قال له ارجع. ولكن صاحب المنزل أذن له.
وأخذ من هذا أنه يستأذن، أن هذا الرجل الذي لم يدع لا يدخل إلا بإذن من صاحب المنزل؛ فإذا دخل بدون إذن؛ اعتبر طفيليا، الطفيلي: هو الذي يأتي أو يدخل على أهل البيت بدون دعوة، وهي صفة مذمومة قبل الإسلام وبعده. ويضربون المثل بقولهم: طفيلي ومقترح؛ فأمروا بأن يستأذن لهم؛ هؤلاء الذين يدخلون بدون دعوة يستأذن لهم، فإذا لم يأذن له صاحب المحل رجعوا، وإن أذن لهم فلا بأس، ويستحب الإذن لهم سيما إذا كان في الطعام فَضْلٌ. أما إذا كان الطعام قليلا يمكن ألا يكفي المدعوين، أو يكون بقدرهم بلا زيادة؛ فيستحب ألا يضايقهم أحد، وأن يتركوه يكون بقدر كفايتهم.
أما إذا علم هذا الإنسان الذي لم يدع علم بأن صاحب المنزل يحبه؛ ولكنه غفل عنه ونسي أن يدعوه، أو علم أن في الطعام فضل وزيادة ليسوا بحاجة إليها، سيبقى بقايا من الطعام يأكل منه هو ويأكل غيره، وكان هو بحاجة إلى الأكل، كما في أزمنة المجاعات ونحوها.
ففي هذه الحال يجوز له أن يحضر ليأكل؛ فأكله من هذا الطعام الذي هو زائد عن قدر الحاجة أولى من أن يلقى الطعام ولا ينتفع به، وعلى كل حال الأزمنة تختلف باختلاف حالات الناس فقرا وغنى وجوعا وشبعا.

line-bottom